فهمي هويدي
لم آخذ علي محمل الجد المهرجان الذي أقامه الحزب الوطني طوال اليومين الماضيين ، وأحسب أنني لست وحيدًا في ذلك ، لأنني ما لقيت أحدًا من المواطنين العاديين إلا ووجدته غير مكترث بالموضوع، ولولا الإعلام الذي فرض علي الناس أن يشاهدوا خطبة الرئيس مبارك وجلسة الافتتاح وأعمال اللجان، لما سمع أحد بالمؤتمر فضلاً عن الحزب ذاته، من ناحيتي اعتبرته مجرد فيلم سياسي يعرض بأمر الحكومة علي الشاشات لعدة أيام ثم تسحب نسخته لعرضها في موسم آخر، لهذا السبب أرحت نفسي ولم أتابع افتتاح المؤتمر علي شاشات التليفزيون، لكنني لم أستطع أن أبتعد عنه كثيرًا، لأنني اكتشفت أن الافتتاح لاحقني في صحف الصباح، الأمر الذي اضطرني إلي قراءة العناوين المنشورة، ولأن بعضها استوقفني، فقد اضطررت إلي قراءة التفاصيل، واستوقفتني عدة أمور تحتاج إلي إيضاح، منها مثلاً:
> إن الذين تحدثوا عن الحزب بذلوا جهدًا ملحوظًا لإقناعنا بأن الحزب موجود في البلد، له أعضاؤه وفروعه واشتراكاته ولجانه وانتخاباته التحتية والفوقية، إلي غير ذلك من الأخبار السارة التي نسمع بها لأول مرة، رغم أن المتحدثين لم يفكروا في الإجابة عن السؤالين التاليين: موجود أين؟ وماذا يفعل؟
إن الأمين العام للحزب السيد صفوت الشريف ذكر أن الرئيس مبارك هو مفجر طاقات الحزب، في حين أن المهندس أحمد عز أمين التنظيم قال إن السيد جمال مبارك هو مفجر ثورة التحديث والتطوير في الحزب، وهو ما يجبر القاريء البريء، الذي قد لا يستطيع أن يقاوم إلحاح عدة أسئلة، أحدها يتعلق بتحديد المفجر الحقيقي، الأب أم الابن؟ والثاني يتعلق بما إذا كان تفجير طاقات الحزب يختلف عن تفجير ثورة التحديث والتطوير، والثالث ينصب علي طبيعة ذلك «التفجير» الذي لم يسمع به أحد، والرابع عما إذا كان التفجير واحدًا، وكلام كل من الرجلين صحيح، ولكن كلاً منهما حرص علي أن يسجل ولاءه لسنده ومصدر قوته.
> إن بين المتحدثين من اهتم بإبراز رعاية الحزب بالشباب وحرصه علي استيعاب أعداد كبيرة منهم، حتي وصلت نسبتهم إلي 60% تقريبًا من جملة الأعضاء، «أعمارهم ما بين 18 و 40 عامًا» في حين أن الذين تجاوزوا 60 عامًا فأكثر نسبتهم في حدود 6% فقط، لكن الذين أبرزوا هذه النسب لم يذكروا أن الستة في المائة هم الذين يقودون الحزب، فبعضهم بلغ سن العشرين أربع مرات والبعض الآخر وصل إلي سن الخامسة والعشرين ثلاث مرات، والأمين العام للحزب السيد صفوت الشريف من الأخيرين من «مواليد 19 ديسمبر عام 1933».. وامسكوا الخشب.
إن المتحدثين أشاروا كثيرًا إلي النموذج الديمقراطي الذي يقدمه الحزب، وتمنوا علي الأحزاب الأخري المعارضة أن تحتذيه في أدائها السياسي، لكي يستكمل البناء الديمقراطي أركانه، ولكي تترسخ أقدام التعددية في البلد، بل ذهب الأمين العام للحزب إلي حد دعوة أحزاب المعارضة إلي «كلمة سواء» للاشتراك في العمل من أجل الوطن، وهي دعوة غامضة ومحيرة وتحتاج إلي إيضاح لأن النموذج الديمقراطي الذي قدمه الحزب تمثل في احتكاره للسلطة لأكثر من ربع قرن، بالذوق حينًا وبالتزوير والعافية أحيانًا كثيرة، كما تمثل في رفضه لأي مشاركة، وإضعافه المستمر لفكرة التعددية، الأمر الذي يطرح السؤال التالي: ما هي بالضبط الوجبة أو المائدة التي دعيت إليها أحزاب المعارضة في خطاب الأمين العام للحزب؟
إن الفقراء ومحدودي الدخل احتلوا مكانة بارزة في الخطب الرئيسية، التي شددت علي انحياز الدولة إليهم تحقيقًا للعدل الاجتماعي، وحرصها علي تقديم خدمات التعليم والصحة والإسكان الشعبي إلي المواطنين أيا كانت قدراتهم، كما أعلنت عن أن الدولة لم تكن غائبة يومًا ما، ولكنها ماضية علي طريق الإصلاح والتنمية، وتلك بدورها إشارات بدت غامضة ومحيرة، لأنها لم تحدد الدولة التي قامت بكل ذلك، وأين يوجد أولئك المواطنون الفقراء الذين حظوا بذلك الاهتمام.
وتلك إيضاحات مهمة، ليس فقط لإثراء المعلومات العامة لأعضاء الحزب الوطني، ولكن أيضًا لأنها يمكن أن تكون مفيدة في حالة ما إذا اتجه الحزب إلي تطبيق تلك الأفكار في مصر.
لم آخذ علي محمل الجد المهرجان الذي أقامه الحزب الوطني طوال اليومين الماضيين ، وأحسب أنني لست وحيدًا في ذلك ، لأنني ما لقيت أحدًا من المواطنين العاديين إلا ووجدته غير مكترث بالموضوع، ولولا الإعلام الذي فرض علي الناس أن يشاهدوا خطبة الرئيس مبارك وجلسة الافتتاح وأعمال اللجان، لما سمع أحد بالمؤتمر فضلاً عن الحزب ذاته، من ناحيتي اعتبرته مجرد فيلم سياسي يعرض بأمر الحكومة علي الشاشات لعدة أيام ثم تسحب نسخته لعرضها في موسم آخر، لهذا السبب أرحت نفسي ولم أتابع افتتاح المؤتمر علي شاشات التليفزيون، لكنني لم أستطع أن أبتعد عنه كثيرًا، لأنني اكتشفت أن الافتتاح لاحقني في صحف الصباح، الأمر الذي اضطرني إلي قراءة العناوين المنشورة، ولأن بعضها استوقفني، فقد اضطررت إلي قراءة التفاصيل، واستوقفتني عدة أمور تحتاج إلي إيضاح، منها مثلاً:
> إن الذين تحدثوا عن الحزب بذلوا جهدًا ملحوظًا لإقناعنا بأن الحزب موجود في البلد، له أعضاؤه وفروعه واشتراكاته ولجانه وانتخاباته التحتية والفوقية، إلي غير ذلك من الأخبار السارة التي نسمع بها لأول مرة، رغم أن المتحدثين لم يفكروا في الإجابة عن السؤالين التاليين: موجود أين؟ وماذا يفعل؟
إن الأمين العام للحزب السيد صفوت الشريف ذكر أن الرئيس مبارك هو مفجر طاقات الحزب، في حين أن المهندس أحمد عز أمين التنظيم قال إن السيد جمال مبارك هو مفجر ثورة التحديث والتطوير في الحزب، وهو ما يجبر القاريء البريء، الذي قد لا يستطيع أن يقاوم إلحاح عدة أسئلة، أحدها يتعلق بتحديد المفجر الحقيقي، الأب أم الابن؟ والثاني يتعلق بما إذا كان تفجير طاقات الحزب يختلف عن تفجير ثورة التحديث والتطوير، والثالث ينصب علي طبيعة ذلك «التفجير» الذي لم يسمع به أحد، والرابع عما إذا كان التفجير واحدًا، وكلام كل من الرجلين صحيح، ولكن كلاً منهما حرص علي أن يسجل ولاءه لسنده ومصدر قوته.
> إن بين المتحدثين من اهتم بإبراز رعاية الحزب بالشباب وحرصه علي استيعاب أعداد كبيرة منهم، حتي وصلت نسبتهم إلي 60% تقريبًا من جملة الأعضاء، «أعمارهم ما بين 18 و 40 عامًا» في حين أن الذين تجاوزوا 60 عامًا فأكثر نسبتهم في حدود 6% فقط، لكن الذين أبرزوا هذه النسب لم يذكروا أن الستة في المائة هم الذين يقودون الحزب، فبعضهم بلغ سن العشرين أربع مرات والبعض الآخر وصل إلي سن الخامسة والعشرين ثلاث مرات، والأمين العام للحزب السيد صفوت الشريف من الأخيرين من «مواليد 19 ديسمبر عام 1933».. وامسكوا الخشب.
إن المتحدثين أشاروا كثيرًا إلي النموذج الديمقراطي الذي يقدمه الحزب، وتمنوا علي الأحزاب الأخري المعارضة أن تحتذيه في أدائها السياسي، لكي يستكمل البناء الديمقراطي أركانه، ولكي تترسخ أقدام التعددية في البلد، بل ذهب الأمين العام للحزب إلي حد دعوة أحزاب المعارضة إلي «كلمة سواء» للاشتراك في العمل من أجل الوطن، وهي دعوة غامضة ومحيرة وتحتاج إلي إيضاح لأن النموذج الديمقراطي الذي قدمه الحزب تمثل في احتكاره للسلطة لأكثر من ربع قرن، بالذوق حينًا وبالتزوير والعافية أحيانًا كثيرة، كما تمثل في رفضه لأي مشاركة، وإضعافه المستمر لفكرة التعددية، الأمر الذي يطرح السؤال التالي: ما هي بالضبط الوجبة أو المائدة التي دعيت إليها أحزاب المعارضة في خطاب الأمين العام للحزب؟
إن الفقراء ومحدودي الدخل احتلوا مكانة بارزة في الخطب الرئيسية، التي شددت علي انحياز الدولة إليهم تحقيقًا للعدل الاجتماعي، وحرصها علي تقديم خدمات التعليم والصحة والإسكان الشعبي إلي المواطنين أيا كانت قدراتهم، كما أعلنت عن أن الدولة لم تكن غائبة يومًا ما، ولكنها ماضية علي طريق الإصلاح والتنمية، وتلك بدورها إشارات بدت غامضة ومحيرة، لأنها لم تحدد الدولة التي قامت بكل ذلك، وأين يوجد أولئك المواطنون الفقراء الذين حظوا بذلك الاهتمام.
وتلك إيضاحات مهمة، ليس فقط لإثراء المعلومات العامة لأعضاء الحزب الوطني، ولكن أيضًا لأنها يمكن أن تكون مفيدة في حالة ما إذا اتجه الحزب إلي تطبيق تلك الأفكار في مصر.